بيانات صحفية

المنشآت الصغيرة والمتوسطة: معضلة التمويل

الحياة الجديدة- ملحق حياة وسوق: 03/03/2013م

شهدت فلسطين مؤخرا حراكا مهما على الجبهة الاقتصادية تركزت محاوره على تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة وضمان قروضها، وتقود هذا الحراك المؤمل أن يتواصل ويحقق اهدافه، سلطة النقد التي تقود الجهاز المصرفي، ومؤسسات الاقراض المحلية والدولية، للاستثمار في تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة باعتبارها الركيزة الاساسية لإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ما يستوجب توفير السبل المناسبة لها للنفاذ الى روافد الاقراض والتمويل من المؤسسات المصرفية والمالية. تأتي هذه الخطوة المهمة بعد مرور اكثر من عشرين عاما من ضخ البنوك اموال ودائعها في الشركات الكبرى والاقراض الفردي، ما يشير الى اعادة تصويب ضخ الاستثمار المالي باتجاه اكبر مكونات الاقتصاد الوطني المتمثل بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، لعل وعسى أن يحقق هذا التصويب التنمية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء. يهدف هذا الحراك الى تطوير قدرات المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال تعزيز الوصول إلى مصادر التمويل، الذي عقد بشأنه مؤخرا المؤتمر المصرفي الفلسطيني الدولي 2013 في اريحا، ولم تعلن نتائجه حتى اللحظة، مع انه خلص للكثير من التوجهات المستقبلية الآنية والاستراتيجية في التعامل المالي والاقراضي مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

الوزير: ارتفاع في عدد المشاريع بـ41 % ونمو قيمة التسهيلات بـ89 %

ويعتبر محافظ سلطة النقد د. جهاد الوزير قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة من أهم روافد عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، حاثا الجهاز المصرفي ومؤسسات الاقراض على تمكين هذه المشاريع من رفع جاهزيتها من خلال توفير السبل المناسبة لها للوصول لروافد الاقتراض والتمويل من المؤسسات المالية والمصرفية، وتذليل العقبات وخفض الشروط المصرفية لتسهيل عملية الإقراض لها.

ويكشف «حياة وسوق» عن نتائج المؤتمر المتمثلة في الدعوة للنظر بايجابية لوقف العمل بشرط الدفعة المقدمة من قبل المقترض والمنصوص عليه في تعليمات سلطة النقد بنسبة 10 % في حالة الجدولة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، شريطة ان تتم الجدولة بناء على كشف التدفقات النقدية، وذلك من اجل اعادة احياء القرض الى قرض عامل، وسيساهم ذلك ايضا في الحد من فرض غرامات التأخير التي تثقل كاهل منشآت المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ويمكن اختبار هذه التجربة من قبل مؤسسات ضمان القروض من خلال خطة عمل تمتد لعامين بحيث يتم في نهاية الفترة تحليل البيانات للتحقق من نجاعة الاعتماد على كشف التدفقات النقدية في اعادة احياء التسهيلات المتعثرة.

وخلص المؤتمر أيضا إلى منح محفزات للمؤسسات المالية المصرفية للتوسع في اقراض المنشآت الصغيرة والمتوسطة وذلك بإعفاء تسهيلات هذه المنشآت بنسبة 1,5 % من تكوين الاحتياطي العام شريطة ان تكون هذه التسهيلات الخاضعة للإعفاء مضمونة من احدى المؤسسات المالية بضمان القروض حيث سيساعد ذلك في تعزيز المنافسة بين جهات الاقراض ما سيؤثر ايجابا على اسعار الفائدة لصالح المنشآت المقترضة كما نوصي بأن تنظر سلطة النقد الى وضع سياسات لتحفيز المؤسسات المالية والمصرفية بالتوسع في منح التسهيلات في هذه المنشآت.

وبرزت أيضا الدعوة لاعتماد تعريف موحد للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من قبل سلطة النقد وجمعية البنوك والجهاز المصرفي لتسهيل عملية تبادل البيانات بين جميع الاطراف ذات العلاقة حيث سيخدم ذلك كافة الاطراف المعنية بتحليل البيانات وادارة المخاطر ورصد عمليات التطور ووضع الخطط الاستراتيجية لتطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

وبهذا الخصوص تم عقد اجتماعين استشاريين تشاوريين في جمعية البنوك مع المصارف بحضور ifc، ومؤسسات الاقراض للتوصل لتفاهمات مع مؤسسات الاقراض والمصاريف بهدف جمع وتبادل البيانات للتوصل الى تفاهمات مع جمعية البنوك على توحيد التعريف الذي اعتمد على ثلاثة عناصر اساسية هي عدد العمال ورأس المال المدفوع ومعدل دوران المبيعات وسيتم انشاء قاعدة البيانات على هذا الاساس. والدعوة الى تشكيل لجنة فنية من القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني للاجتماع دوريا لمراجعة استراتيجية المشاريع الصغيرة والمتوسطة والخروج بالتوصيات الضرورية للاطراف ذات العلاقة لتطوير هذا القطاع.

وتم تشكيل اللجنة من عضوية المؤسسات التالية: سلطة النقد، جمعية البنوك، عضو من مؤسسات صناديق الاستثمار وصناديق القروض او مبادرة الشرق الاوسط للاستثمار، اكاديمي متخصص في مجال المنشآت الصغيرة والمتوسطة وممثل من القطاع الخاص ومركز تطوير المشاريع الصغيرة والشركة الفلسطينية للاقراض «شراكة» رئيس اللجنة الوطنية لتطوير قدرات المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وطالب المؤتمر سلطة النقد بتوفير الدعم الكامل لاستصدار مسودة قانون ضمان المنقول، حيث ان استصدار هذا القانون سيعزز من فرص المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالحصول على تسهيلات المنقول وذلك ضمانة على التسهيلات.

وكذلك العمل على اعداد برامج توعوية وتثقيفية لبناء قدرات القائمين على المؤسسات لتطوير امكانياتهم في التعامل مع المصارف، وتطوير الآليات لاعداد التقارير المالية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة حتى يتسنى للجهات المقرضة تحليل الوضع المالي للمنشأة لغاية منح التسهيلات المطلوبة بما يعزز الحصول على التسهيلات الخاصة في ظل غياب الضمانات المطلوبة.

وأيضا تقديم خدمات استشارية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة والعمل على رفد خطة بناء القدرات وتطوير الامكانيات لهذه المنشآت. ودعم المشاريع الريادية من قبل الجهة المقرضة وذلك بتسهيل عمليات الحصول على التمويل اللازم وزيادة حصتها في محفظة التسهيلات المصرفية.

وتعزيز المساقات الاكاديمية في الجامعات الفلسطينية ذات العلاقة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة وذلك بهدف دعم وتحفيز المبادرات الجديدة والريادية. وشدد الوزير على توحيد الجهد لدعم هذا القطاع والذي يمكن بتطبيقه ان يكون مربحا للجهاز المصرفي، مبديا الاستعداد التام لعمل اي شيء لتسهيل المهمة والتفاهم مع وزارة الاقتصاد والتخطيط والاحصاء المركزي والبنوك وسلطة النقد حول مشكلة توحيد التعريف والمفهوم.

وقال الوزير، إن شق الطريق نحو اقتصاد قوي ومستدام يجب أن يولي اهتماما خاصا لتطوير وتعزيز دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة وخلق بيئة حاضنة لها بما يعزز ثقافة الريادة والإبداع، وأن يتم تطوير البيئة القانونية وتأهيلها وتطوير الأدوات التمويلية اللازمة لديمومتها.

واكد ان السنوات الثلاث الماضية شهدت ارتفاعا في عدد المشاريع بنسبة 41 % وقد صاحب ذلك نمو في قيمة التسهيلات الممنوحة في نفس الفترة بنحو 89 %، وبالرغم من أن هذه المؤشرات تشير بشكل واضح إلى تطور هذا القطاع، إلا أن الوزير يرى أن المزيد من الجهد يجب أن يبذل لتطويره بشكل أمثل ليصبح رمزا أساسيا لعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

فرعون: قاعدة بيانات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة

وشدد مدير دائرة علاقات الجمهور وانضباط السوق في سلطة النقد علي فرعون على تذليل العقبات أمام تمويل المنشآت الصغيرة للوصول الى مصادر التمويل والتسهيلات والاقتراض وتتمحور في ان يكون هناك مركز معلومات يحتوي على كافة البيانات التي ستساعد الجهات المقرضة في الحصول على البيانات المالية حتى تمكنها من تقييم المخاطر، وبالتالي تسهيل عملية الاقراض بالحد من شروطه. وتأهيل القياديين في البنوك ومؤسسات الاقراض، لتعزيز العلاقة مع المؤسسات المالية لضمان القروض التي تعزز وتسهل عملية وصول هذه المشاريع لمصادر الاقراض لهذه المؤسسات والتي تلعب دورا جوهريا في الحد من مخاطر التسهيلات. واشار الى انهم في خطة سلطة النقد للعام الحالي 2013 سيعملون على بناء قاعدة بيانات خاصة بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة لتسهيل عملية اقراضها وضمانات القروض.

واكد فرعون ان حجم اجمالي الودائع بلغ حوالي 8 مليارات دولار ومحفظة التسهيلات حوالي 4 مليارات تقريبا، واشار الى ان هناك نموا متصاعدا في عدد المشاريع والتسهيلات، منوها إلى ان لديهم تعليمات منظمة لموضوع منح التسهيلات والتركزات الائتمانية، لكن لا توجد سياسة موجهة للقطاع المصرفي حول قطاع معين فلكل قطاع له مخاطره الائتمانية، وبالتالي هذا يتبع السياسة الائتمانية لمصارف ومؤسسات الاقراض.

الحاج حسن: المشكلة في جانب الطلب

ويؤكد مدير عام البنك الوطني احمد الحاج حسن: وجود اسباب مختلفة في التفاوت بين البنوك في التعامل مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، لافتا الى ادراك البنوك لاهمية هذه المشاريع ما دفعها لانشاء وحدات لاقراضها معتقدا ان البنوك قد تكون واحدة من جوانب معادلة الجاهزية، خصوصا ان مستوى التنافس في التوجه للاقراض الحكومي هو الذي يلعب دورا في دفع البنوك لفتح مجال جديد في السوق مثل اقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

ويعتبر الحاج حسن ان جوهر المشكلة في اقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة يكمن في جانب الطلب حيث ينعدم الفصل بين الحسابات الشخصية لصاحب المشروع عن حساب المشروع، وباستغلال صاحب المشروع تمويل المشروع لمناسبات اسرية.

وقال: «بدأنا مؤخرا تحليل محفظة الائتمان المالي بالتركيز على الجانب التمويلي اكثر من اي خدمات ثانية، الا ان اكثر من 75 % من عدد المقترضين مثلوا مشاريع صغيرة ومتوسطة لكن كأمان للمحفظة يشكلون اقل من 30 %»، مضيفا: «ان استمرار ضغط الفوائد نتيجة التنافس ووجود بعض التخوف في التمويل الحكومي سيدفع البنوك اكثر باتجاه اقراض المشاريع الصغيرة لكن يجب ان يكون في هذا القطاع مخاطر عالية».

الصعيدي: الحاجة 500 مليون دولار قدمت البنوك منها 15 % فقط

ويعتقد مدير عام البنك الاسلامي العربي سامي الصعيدي ان قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو عملية اجتماعية اقتصادية متكاملة ومتداخلة تعتمد بشكل رئيسي على جاهزية قطاع المشاريع الصغيرة للوصول الى التمويل اكثر منه جاهزية البنوك، وان هناك حاجة لتطوير قدرات المشاريع الصغيرة من اجل الحصول على التمويل. وبرأيه فان المشكلة ليست في البنوك وانما في القطاع نفسه اذا كان جاهزا لتمويل نفسه من البنوك بشكل جيد ومتكامل، وحينها تستطيع البنوك التعامل معه بشكل ايجابي، وكذلك فان صناديق الضمان والبنوك تتحدث عن ان نسبة تمويلها للمشاريع الصغيرة منخفضة جدا.

وبالنظر الى نسبة التمويل بالنسبة للاحتياجات المطلوبة لقطاع المشاريع الصغير، فان الدراسات تشير الى ان حاجتنا تصل الى 500 مليون دولار تقريبا، قدمت البنوك منها 15 % فقط من هذا الحجم، مع وجود صناديق الضمان والاستثمار. وبالرغم من أن حجم الودائع يبلغ 8 مليارات دولار، فانها غير قادرة على التعامل مع هذه المشاريع بسبب عدم جاهزية المشاريع الصغيرة لتقديم نفسها.

ويقول الصعيدي ان نسبة المشاريع الصغيرة في الاقتصاد الفلسطيني تصل إلى 99 % وتشغل 85 % من العمالة التي يشغلها القطاع الخاص، وتشغل 54 % من اجمالي القوى العاملة في الوطن، وتدخر المشاريع الصغيرة في القطاع المصرفي اكثر من ملياري دولار، حيث لدينا الان 1.3 مليون مدخر وخصوصا في حسابات التوفير معظمهم من اصحاب والمنتمين لقطاع المشاريع الصغيرة.

ويرى الصعيدي ضرورة انشاء مؤسسة او صندوق او هيئة اهلية تعمل مع الحكومة بطريقة او باخرى تعنى بتطوير المشاريع الصغيرة. وتهتم بالمتطلبات القانونية وضبط التسجيل الرسمي لان اصحابها يعتبرونه مصائب ولا يحقق لهم مكاسب في دفع الضرائب ولا يوجد لهذه المشاريع مكاسب اضافية، وبالتالي لا بد من وضع اطار قانوني يحمي المشاريع الصغيرة، قانون خاص للمشاريع الصغيرة، وقال: التمويل مهم لكن لن يكون له اهمية ان لم نقدم على تأمين كل المتطلبات.

ويؤكد الصعيدي ان النتائج لا تتناسب مع الجهد المبذول لكن هذا لا ينفي حدوث تقدم، فالبنوك اصبحت تهتم وكثير منها انشأ وحدات للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وتدريب للموظفين، لكنه قال «لم نتقدم بشكل جدي، وان اردنا تحقيق النمو والتنمية الاقتصادية فان الطريق الوحيد هو المشاريع الصغيرة والمتوسطة وان اردنا تطويرها فان الطريق الوحيد هو تنظيم القطاع نفسه، وانشاء هيئة تمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة».

الغلاييني: 150 الف منشأة معظمها غير مسجلة

ويرى نائب المدير العام لبنك فلسطين رشدي الغلاييني ان الريادة موجودة ومن عوامل نجاحها وجود مشاريع صغيرة ومتوسطة اضافة الى وجود العديد من المؤسسات المحلية والدولية لمساعدة الرواد على تنفيذ مشاريعهم بتقديم التمويل لهم. لكنه يشدد على وجوب ان تقوم البنوك بدعم هذه المشاريع لتغطي طلب الرواد واصحاب المشاريع القائمة او حتى الجديدة لانها تؤدي دورها في تنمية المجتمع، مبينا انه يوجد في فلسطين اكثر من 150 الف منشأة معظمها غير مسجلة لاسباب عديدة منها طبيعة الظروف التي يمر بها الاقتصاد الفلسطيني وتجاوز القوانين الضريبية.

وقال ان اهم المشاكل التي تواجهها البنوك في تمويل هذه المشاريع، عدم توفر قوائم مالية تاريخية لهذه المشاريع، داعيا البنوك لتشجيع واستغلال وجود برامج وصناديق ضمان القروض التي تعرضها مؤسسات الاقراض، والتي تساعد في تحمل جزء كبير من التعثر في موضوع الضمانات والفوائد تحديدا، كما ان وجود وحدة متخصصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في البنك يشجع على تكبير المحافظ ويساعد في توفير البيئة القانونية المناسبة.

وتابع: بالنظر الى التسهيلات التي منحتها البنوك، فان نسبة الاقراض في بنك فلسطين وحجم محفظة الاقراض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة حوالي 125 مليون دولار، متوقعا ان تصل نسبة محافظ الاقراض في فلسطين بالمجمل حوالي 20 الى 25 %.

النجاب: البنوك قطعت شوطا جيدا

بينما قال نائب المدير الاقليمي لبنك القاهرة عمان فراس النجاب: «في 1998 كان هناك تفكير جدي في البنك العربي لاقراض المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر بمساعدة الدول المانحة، وكانت الفكرة غريبة على فكر اي انسان كان يعمل في الاقراض».

واضاف: «تضافرت مجموعة الجهود بضمنها الدول المانحة والدراسات السوقية والاحتياجات الحقيقية، وهي التي انشأت فكرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبالمقارنة ما بين تلك الفترة والفترة الحالية يمكن القول ان جميع البنوك تمكنت من قطع شوط لا بأس به من ناحية فهمها للقطاع وطريقة التوجه والتفكير والتحليل وبعض البنوك اصبحت لديها دوائر مختصة في موضوع اقراض مشاريعه».

واكد انه ما زالت هناك مجموعة من العوامل التي يمكن ان تساعد البنوك في الدخول اكثر في مجال الاقراض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، احد اهم هذه العوامل هي تعليم وتدريب الكوادر المتخصصة في هذا المجال، حيث ما زلنا نعاني من نقص الخبرة والتحليل المالي والتسجيل الرسمي، وكل ذلك يؤثر بشكل واضح على دراسة الطلب وتحليله لتقديم الاقراض، مشددا على اهمية دور السلطات الرقابية مثل سلطة النقد من حيث التشجيع اما بواسطة تحفيز البنوك وتوجيهها في مجال قروض المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

زيدان: غياب التنسيق خلق التحديات

ويؤكد المدير الاقليمي لبنك الاردن جوني زيدان ان الهدف الاستراتيجي الاعلى والاسمى هو تفعيل دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تطوير الاقتصاد الوطني، ففي السابق كان تدخل الدول المانحة بالاساس يعطي سيولة للبنوك او لمؤسسات اقراض خاصة غير حكومية حتى تمكنها من اقراض هذه الفئات، وتطورت هذه القضية حتى اصبح قناعة لدى البنوك بجدوى الاقراض لهذه المشاريع واليوم الدول المانحة تقدم افكارا عن ضمان القروض وهذا من الناحية الوطنية جيد لانه دائما كنا نسمع ان السيولة في البنوك عالية ونسبة الاقراض الى الودائع منخفضة.

وقال انه ونتيجة غياب التنسيق المتكامل ادى لوجود التحديات التي نعاني منها اليوم واهمها عدم تصنيف ماهية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وعدم جسر الفجوة بينها وبين القطاع المصرفي وعدم توفر البيانات التي تساعد على اتخاذ القرار ودراسة حجم المخاطر التي قد يتعرض لها في تمويل مثل هذا النوع من المشاريع.

الجاك: تغيير ثقافي وحوافز ضريبية

وتقول هدى الجاك، نائب رئيس الاستثمارات في شركة سراج لادارة التمويل – التابعة لمجموعة مسار الدولية: نحن مشاركون ولسنا صامتين، وبالتالي علينا ان نكون شركاء ونتطلع الى شركات ستمكنها المساعدة والتدريب من تحقيق نفسها.

وتعتقد الجاك انهم اول شركة لادارة الصناديق الفلسطينية، مؤكدة وجود نقص في رأس المال للاستثمار وفي المصادر المالية المحلية، وان تدفق رأس المال يحقق النمو وتنمية القطاعات التي يمولونها.

وقالت: من ضمن التحديات القائمة، ان النظام البيئي غير متطور في الاسواق الناشئة ويجب ان يكون هنالك تغيير ثقافي وخاصة في مجال الاعمال عندما تحول هذه الى مشاريع وتعدها للنمو، فالناظم التنظيمي ما زال ناشئا، وبالتالي يجب التعامل مع قضية معالجة الامور من خلال القوانين والاسهم وكل الادوات التنظيمية والقانونية والمالية، مشددة على اهمية قيام الحكومة بتوفير حوافز ضريبية وتدخلها لحماية المنتجات المحلية في السوق.

خوري: تغيير منهج وثقافة الاقتراض

ويرى المدير الاداري لمشروع ضمان القروض في فلسطين التابع لمؤسسة مبادرة الشرق الاوسط للاستثمار رامي خوري، انه ينبغي توسعة قاعدة ائتمان المشاريع الصغيرة والمتوسطة عن طريق تقديم ضمانات للبنوك للمشاريع التي تفتقر الضمانات الكافية بالاضافة الى تغيير منهج وثقافة الاقراض في فلسطين لتتناسب اكثر مع احتياجات المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

ويؤكد ان التحديات فيها صعبة مع البنوك التي كانت تركز على القروض الشخصية والشركات الكبرى، وكانت تقلع عن التفكير بتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة لمخاطرها العالية والارباح فيها غير مجدية خصوصا في ظل غياب الضمانات الكافية لسداد القروض، وبالتالي فالبنوك لم تكن جاهزة لتمويل هذه المشاريع، واختلف الوضع نسبيا في السنوات الخمس الاخيرة حيث ابدت البنوك استعدادها لدراسة تمويل هذه المشاريع.

ويقر خوري بصعوبة الوضع، لكنه يرى ان المشاريع الصغيرة والمتوسطة غير قادرة على ايجاد طلباتها للتمويل، داعيا تلك المشاريع لتقديم ضمانات او بيانات مالية موثوقة للبنك لتمكينه من اعطاء التمويل المناسب، ومن دون ذلك فمن الصعوبة حل مشكلة تمويلها، لا سيما ان معظمها عائلية وتفتقر للخبرات الادارية والمالية.

ويكشف ان عدة مشاريع صغيرة ومتوسطة يحصل اصحابها على قروض يدرجونها في حساباتهم الشخصية ويتصرفون بها لغايات عائلية وليس للمشروع، اضافة الى فقدان التنوع في السوق فمعظم المشاريع الصغيرة تتمركز في التجارة او الخدمات او في الصناعات الخفيفة، ونادرا جدا ما يتم العثور او ايجاد مشاريع ريادية او في مجالات جديدة تتطلب تمويلا وبالذات المشاريع النسوية.

السحار: يجب التركيز على قطاعات مهمشة

أما مدير عام الصندوق الاوروبي الفلسطيني لضمان القروض حنا السحار فيكشف ان الصندوق وقع 12 اتفاقية مع بنوك من اصل 18 بنكا، وانه تمت الموافقة على 3115 مشروعا منذ عام 2006 ولغاية اليوم بقيمة 177 مليون دولار. موزعة جغرافيا بالترتيب على: نابلس، رام الله، الخليل، وجنين. واريحا كان نسبتها من التمويل قليلة حتى مع وجود الضمانة وكذلك طوباس، وعدم تركيز البنوك على القدس.

وقال ان من الامور التي نجحت فيها مشاريع ضمان القروض، ان الضمانات تساعد على تمويل البنوك لهذه المشاريع، مؤكدا ان البنوك لم تكن ترى ان هذا القطاع يمكن العمل معه والاستثمار فيه. مبينا ان البنوك في السابق كانت تطلب من هذه المشاريع ميزانيات مدققة ومعظمها لم يكن بمقدورها توفير ذلك.

وأشار الى ان 80 % من القروض التي قدمت في البداية كانت لعملاء البنوك التي رغبت بالتوسع معهم باعطائهم قروضا عن طريق المشاريع، ولكن اليوم فان 80 % من قروض المشاريع قدمت لزبائن جدد، معظمها يتركز في التجارة ومن ثم الخدمات. في حين انه اكد انه يجب التركيز على قطاعات مهمشة ضمن ضمانات معينة.

وقال: «ان اردنا تطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة ستكون هناك مسؤولية على كل الجهات، مطالبا سلطة النقد بتحفيز الاقراض للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والمساعدة لاعداد السياسات الوطنية لهذه المشاريع، اذ انها تسهم في تشغيل 80 % من العمالة الموجودة في القطاع الخاص»، وقال: «كلما كانت المشاريع اكثر فان هذه المشاريع تسهم بخلق فرص العمل والحد من البطالة».

وفي نفس الوقت طالب البنوك بوضع خطة استراتيجية لتمويل هذه المشاريع، وتعيين موظفين مختصين بها يخضعون للتدريب على تمويلها وكيفية التعامل معها.

ودعا الى ايجاد منتجات خاصة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تستجيب لاحتياجاتها، وبضمانات خاصة من اجل تطوير هذا القطاع، وعلى الحكومة ايضا تسهيل عمليات تسجيل هذه المشاريع وبتكاليف بسيطة، وتوفير الخدمات الاستشارية لها، معربا عن اسفه لانه لا يوجد مأسسة لهذه المشاريع وينبغي ايجاد طريقة لمأسستها بحيث لا تبقى بيد شخصية معينة.

Print
7785

Theme picker